من مفكرة عاشق دمشقي
فرشت فوق ثراك الطاهـر الهدبـا *** فيا دمشـق... لماذا نبـدأ العتبـا؟
حبيبتي أنـت... فاستلقي كأغنيـةٍ*** على ذراعي، ولا تستوضحي السببا
أنت النساء جميعاً.. ما من امـرأةٍ *** أحببت بعدك.. إلا خلتها كـذبا
يا شام، إن جراحي لا ضفاف لها*** فمسحي عن جبيني الحزن والتعبا
وأرجعيني إلى أسـوار مدرسـتي*** وأرجعي الحبر والطبشور والكتبا
تلك الزواريب كم كنزٍ طمرت بها *** وكم تركت عليها ذكريات صـبا
وكم رسمت على جدرانها صـوراً *** وكم كسرت على أدراجـها لعبا
أتيت من رحم الأحزان... يا وطني*** أقبل الأرض والأبـواب والشـهبا
حبي هـنا.. وحبيباتي ولـدن هـنا *** فمـن يعيـد لي العمر الذي ذهبا؟
أنا قبيلـة عشـاقٍ بكامـلـها *** ومن دموعي سقيت البحر والسحبا
فكـل صفصافـةٍ حولتها امـرأةً *** و كـل مئذنـةٍ رصـعتها ذهـبا
هـذي البساتـين كانت بين أمتعتي *** لما ارتحلـت عـن الفيحـاء مغتربا
فلا قميص من القمصـان ألبسـه*** إلا وجـدت على خيطانـه عنبا
كـم مبحـرٍ.. وهموم البر تسكنه *** وهاربٍ من قضاء الحب ما هـربا
يا شـام، أيـن هما عـينا معاويةٍ *** وأيـن من زحموا بالمنكـب الشهبا
فلا خيـول بني حمـدان راقصـةٌ *** زهــواً... ولا المتنبي مالئٌ حـلبا
وقبـر خالد في حـمصٍ نلامسـه *** فـيرجف القبـر من زواره غـضبا
يا رب حـيٍ.. رخام القبر مسكنـه *** ورب ميتٍ.. على أقدامـه انتصـبا
يا ابن الوليـد.. ألا سيـفٌ تؤجره؟ *** فكل أسيافنا قد أصبحـت خشـبا
دمشـق، يا كنز أحلامي ومروحتي *** أشكو العروبة أم أشكو لك العربا؟
أدمـت سياط حزيران ظهورهم فأدمنوها.. ***وباسوا كف من ضربا
وطالعوا كتب التاريخ.. واقتنعوا *** متى البنادق كانت تسكن الكتبا؟
سقـوا فلسطـين أحلاماً ملونةً *** وأطعموها سخيف القول والخطبا
وخلفوا القدس فوق الوحل عاريةً *** تبيح عـزة نهديها لمـن رغبـا..
هل من فلسطين مكتوبٌ يطمئنني*** عمن كتبت إليه.. وهو ما كتبا؟
وعن بساتين ليمونٍ، وعن حلمٍ *** يزداد عني ابتعاداً.. كلما اقتربا
أيا فلسطين.. من يهديك زنبقةً؟ *** ومن يعيد لك البيت الذي خربا؟
شردت فوق رصيف الدمع باحثةً *** عن الحنان، ولكن ما وجدت أبا..
تلفـتي... تجـدينا في مـباذلنا.. *** من يعبد الجنس، أو من يعبد الذهبا
فواحـدٌ أعمـت النعمى بصيرته *** فانحنى وأعطى الغـواني كـل ما كسبا
وواحدٌ ببحـار النفـط مغتسـلٌ *** قد ضاق بالخيش ثوباً فارتدى القصبا
وواحـدٌ نرجسـيٌ في سـريرته *** وواحـدٌ من دم الأحرار قد شربا
إن كان من ذبحوا التاريخ هم نسبي *** على العصـور.. فإني أرفض النسبا
يا شام، يا شام، ما في جعبتي طربٌ *** أستغفر الشـعر أن يستجدي الطربا
ماذا سأقرأ مـن شعري ومن أدبي؟ *** حوافر الخيل داسـت عندنا الأدبا
وحاصرتنا.. وآذتنـا.. فلا قلـمٌ ***قال الحقيقة إلا اغتيـل أو صـلبا
يا من يعاتب مذبوحـاً على دمـه*** ونزف شريانه، ما أسهـل العـتبا
من جرب الكي لا ينسـى مواجعه*** ومن رأى السم لا يشقى كمن شربا
حبل الفجيعة ملتفٌ عـلى عنقي *** من ذا يعاتب مشنوقاً إذا اضطربا؟
الشعر ليـس حمامـاتٍ نـطيرها *** نحو السماء، ولا ناياً.. وريح صبا
لكنه غضـبٌ طـالت أظـافـره *** ما أجبن الشعر إن لم يركب الغضبا